عجائب القلوب ١٤٣٧ هـ
نلتقي على مدار شهر كامل شهر رمضان المبارك حول عنوان : عجائب القلوب.... أخي الحبيب ماذا تعرف عن قلبك ؟! وعن أحواله ولماذا خلق فيك ؟ وما وظيفته ؟ كل ذلك سنعرفه خلال هذه الحلقات بإذن الله تعالى.
أخي الحبيب مازلنا نتساءل كيف حال قلبك مع الله تعالى ؟ والسؤال الأكثر تحديدا: هل قلبك راض عن الله أم راض بالله أم راض لله ؟! هل تعرف الفرق بينهم ؟! وهي قضية كبيرة هي أن تعرف قلبك فتعرف نفسك ... تعالوا بنا إذا لنتعرف عن ماهية القلب ...
الصدر إذا انشرح بشئ ضاق بضده وهذا من علامات صحة الصدر وقلنا أن القلب موطن الإيمان وحلاوة الإيمان تكون فيه ، والقلب كذلك يتوسخ بالشيء القذر إذا كان فيه وامتلأ به.
إذا تأملت حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت كل أحواله ذكر لله تعالى استيقاظه من النوم ونومه ودخوله البيت وخروجه منه ودخول المسجد والخروج منه وهكذا .. وطيلة الوقت كان حريصا صلى الله عليه وسلم أن يكون قلبه حاضرا في ذلك كله.
وقفنا مع حديث (تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصيرعودا عودا ..) فكثير من الناس يظن انه بمجرد انه تاب وبدا يسلك طريق الدين أن الموضوع انتهى .. لالا إنما هناك شيطان كان يزين لك المعاصي ويسهلها لك لن يتركك فهو يعلم نقاط ضعفك فانتبه لذلك واثبت واستعن بالله .
ليست الموضوع والقضية قضية وعظ وتذكير فقط لا بل ان للقلوب علم بمعنى أن الإخلاص مثلا هو عمل من أعمال القلوب وهو شرط في صحة العمل وهو فرض لذلك فإن الإخلاص يجب أن يتعلم !
أريدك أن تتبنى هواية فعل الحسنات ! هواية جمع الحسنات! وهي أن تحترف جمع الحسنات من كل وجه تستطيعه وبكل طريق ، قال تعالى : ومن يقترف حسنة
دائما ما نقول أن أول معالم أو منارات الطريق إلى الله هو (الأنس بالله) لذا قال العلماء إذا رأيت نفسك تأنس بالناس ومستوحشا من الخلوة فاعلم أنك الآن لا تصلح لله!
أيها الإخوة .. وجوب تفقد القلب لأن الله ناظر إليه ,, لذلك فإن من أكبر معاصي القلوب هو علمك بخبث في قلبك مع علمك باطلاع الله عليه وصبرك على ذلك !!
قضية القلوب هي علم وهو علم من الأهمية بمكان ، فيا ترى هل تحس من نفسك حبًا حقيقيا لله وتعلقًا به وحده أم أن هناك من هو أولى في قلبك من الله -والعياذ بالله- من إمرأة أو ولد أو وظيفة أو مكانة أو أو ؟؟!!
قد يكون القلب ما زال جنينًا في بطن الشهوات! وقد يكون وليدًا قد ولد من بطن النفس والطبع والشهوات وخرج إلى فضاء وسماء العبودية لله تعالى وقد يكون ينتظر الولادة صباحًا مساءًا ! فأي هذه القلوب قلبك ؟
أين عنايتك بقلبك ؟ وسط العنايات بالمظاهر والملابس والشعر والعيون .. إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أجسامكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ..
خلق الله تعالى الصالحين ليثبت بهم أن غير المستطاع مستطاع! فهلا اتخذهم الناس قدوات بدلا من القدوات الباطلة الذين يسمونهم زورا وبهتانا (أبطالا ونجوما) في المسلسلات والأفلام !
أيها الإخوة .. إن فهم معاني الإيمان وإدراكها وتصورها مُعين على الوصول إليها .. قال الله تعالى ي كتابه الكريم : وكيف تصبر على مالم تحط به خبرًا .. لذلك نحن بحاجة إلى علم القلوب لنصل إلى هذه الدرجات العليا.
القلوب أربعة: قلب أجرد فيه سراج يزهر وذلك قلب المؤمن... وقلب أغلف ذلك قلب الكافر... وقلب منكوس أبصر ثم عمي وعرف ثم أنكر وذلك قلب المنافق... وقلب تمده مادتان مادة إيمان ومادة نفاق وهو لما غلب عليه منهما...
قضية ولادة القلوب قضية عميقة وخطيرة ... قلب قد ولد وخرج لفضاء العبودية وأنس بأشعة التوحيد فقرت عينه بالله ، وقلب لم يولد ولم يأن له أن يولد فهو جنين في بطن الشهوات والغي والجهل والضلال، وقلب بين الداعيين في البرزخ فهو ينتظر الولادة صباح مساء.
ماذا فعلت هذه الحلقات في قلوبكم ؟! بعد تكلمنا عن الحب وكيف يمتلئ قلبك حبا لله تعالى حتى لا يجد طاقة على حب غير الله .. وبعد أن تكلمنا عن الشوق وأن تفيض عيناك شوقا للقاء الله ورؤية وجهه الكريم ... بعد أن تكلمنا عن هذه المعاني كيف حال قلبك مع الله تعالى وكيف حال الرضا به وحده ؟
خطورة تحقيق الإخلاص يكمن في أنه لا يُقبَل عملٌ إلا به .. وإنما يأتي الإخلاص من المنكسرة قلوبهم لله تعالى المعترفين بذلهم بين يدي العزيز وبفقرهم بين يدي الغني سبحانه وتعالى .
ونحن في رمضان هل اعتقت رقبتك من النار .. أم هل أنت مازلت في قائمة الإنتظار ؟ أيها الإخوة إننا نريد أن نفهم مامعنى العتق من النار ؟
أول ظلمة من ظلمات القلب هي ظلمة النفس : وهي أول عقبة تلقاها في طريقك إلى الله لذلك هي أول ما يجب عليك التخلص منه!
اذا تعاملت مع الله فلتعلم أن هذه المعاملة ذات حساسية بالغة لأن الله غيور فلا يقبل معه شريكا أبدا ، قال تعالى في الحديث القدسي : أيما عبد عمل عملا وأشرك معي غيري تركته وشركه أي لو أن العمل 99% لله و 1% لغيره تركه الله ولم يقبله بل وترك صاحب العمل أيضا
كيف حال النفس ؟ هذا الجبل الضخم الذي يعوق طريقك إلى ربك ! النفس وشهوات النفس وهوى النفس ولعب النفس وتعب النفس ورغبات النفس ... اللهم انا نعوذ بك من شرور أنفسنا .
دعوني أسألكم هذا السؤال : هل شعرتم بعد كل الكلام الذي تكلمناه سويا أنكم قدمتم نفوسكم قربانا إلى الله أم مازال هذا الأمر صعبا ؟!
بعد هذه التجارب الكثيرة المريرة هل اكتشفت أنك ممن يرى نفسه أم لا ؟! طالما قلت أنك لا ترى نفسك فأنت تراها ! خذ هذه القاعدة : من رأى في إخلاصه إخلاص فإخلاصه يحتاج إلى إخلاص ، ومن رأى في تواضعه تواضع فتواضعه يحتاج إلى تواضع !
ذكرنا أن أول سبيل للخروج من ظلمة النفس أن يتخلص من النفس الأمارة بالسوء بأن يذبح نفسه ويقدمها قربانا لله تعالى ،فإذا قدمها قربانا أحب أن تتقبل منه ، ويدل على قبولها أنها لم تعد معه فإذا كانت ماتزال معه فهي لم تتقبل !
دعني أسألك الآن عن معنى السكينة .. والحقيقة أن هناك معان في الإسلام لا تترجم فإني لا أستطيع أن أصف لك طعم التفاحة يل يجب أن تأكلها لتعرف ما عرفته أنا عن طعمها ، كذلك إذا سئلت عن رائحة الورد فإني لا أستطيع اخبارك بل ينبغي أن تشم مثلي حتى تعرف !
من أين تأتي السكينة ؟ وكيف؟ تنزل السكينة باستشعار معية الله تعالى قال تعالى : ((إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ...))
كيف السبيل للتخلص من النفس ؟ 1-عدم رؤية النفس 2-ذم النفس 3-سوء الظن بالنفس 4-ذل النفس لله بالعبودية
حين ينزل البلاء أولا يجب أن تتذكر أنه من الله والله تعالى لا يريد أن يهلك عبده بل الله أرحم بك من أمك وأعلم بك من نفسك لذا إن كنت تدعي محبة الله فإن كل ما يأتي من حبيبك حبيبك.