بصائر من سورة النصر
لا سبيل للخروج من أزمتنا إلا بالعودة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فننظر كيف بدأ فنبدأ كما بدأ ، فمعتقدنا أنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، وقد كان أول ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا إلى كلمة واحدة ، ألا وهي : (لا إله إلا الله)
كيف ننصر ؟ هذا هو سؤالنا اليوم ، والجواب : أولا اليقين في الله ، ثانيا إيجاد الصاحين
في أيام الفتن يستخف ثقال ، وهي هكذا الفتن سريعة ومتلاحقة وغير متوقعة ، تستخف في طريقها من لا بصيرة له ومن هو حتى مع العلم مفتون معجب بعلمه، أما أصحاب القلوب السليمة أصحاب البصائر صفتهم التؤدة والصبر واليقين والثبات على الأمر الأول.
إذا زادت أعداد عباد الله الصالحين سيقل الخبث ومن ثم يأت نصر الله ويرتفع العذاب والذل والهوان عن الأمة ، فوائد من حديث أنهلك وفينا الصالحون.
من حكم تأخر النصر التسليم لقضاء الله وابتلاء العبودبة في ذلك ، قال الله تعالى (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ، النصر الذي يأتي هينا سريعا يضيع سريعا أيضا ، وأن لله تعالى عبوديات لا تستخرج من العباد إلا بهذا.
هناك ذنوب تبث الفرقة في قلوب الناس وتنزل البلايا ، قال الله تعالى : (إنما استزلهم الشيطان ببعض ما اكتسبوا) ، فهناك ذنوب تمنع قوة الأمة وتمكين الدين أيضاً، وهناك ذنوب توجب نسيان الله لعبده عياذاً بالله.
من أسباب النصر : اليقين في الله ونصر الله والإيمان والدعاء والصبر واظهار الافتقار لله تعالى ، والإلحاح على الله.
قد يتأخر النصر بسبب ذنوب الخاصة (الملتزمين) فذنوبهم أشد وأنكى في تعطيل مجيء النصر ، وقد يتأخر النصر لأن الأمة لم تنضج بعد ، قد يكون هناك أفراد صالحون عاقلون ولكن إذا نظرت إلى الأمة بشكل عام تجدها كما ترى الآن فلا تستحق النصر بذلك.
الحقيقة أننا لسنا ضعفاء ولكننا مستضعفون ! ، نعم هناك فرق فالضعف يكون من داخل الإنسان أما الاستضعاف فهو من قوى خارجية تسارع في محاولة إضعافك وأنت واستجابتك! ، وهذه الأمة الآن مستضعفة وليست ضعيفة
الإنقياد شرط من شروط لا إله إلا الله ، وهو الاستسلام لله تعالى ، لذلك علينا تلمس مراد الله تعالى من قدره منا كعباد له تعالى في تأخر النصر
قلنا أن النصر لا يسمى نصراً إلا أن يكون من الله تعالى ، وأن الأمة لما هانت أصبحت تطلق من هزيمتها النصر على الأشياء التافهة فيقول بعضهم مثلاً على لعبة كرة القدم : (يارب انصر فريقي !!) ، فأصبحوا يطلقون النصر على اللعب ! ، ثم نتكلم اليوم عن الفتح والفتح المقصود في السورة هو فتح مكة وهو مسبوق بفتح قبله
صلح الحديبية فتح عظيم فتح الله به على رسوله والمؤمنين فيه من الدروس والعظات والعبر والأحكام الكثير وفي هذه الحلقة شرح ما تيسير منها.
يتابع فضيلة الشيخ استخراج الدروس العظات واللآلئ والدرر المستفادة من صلح الحديبة ، كيف فتح الله به للدعوة فتحاً مبيناً.
أخذ بيعة العقبة تحت الشجرة ومسارعة الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً للمبايعة بلا تردد وكان عدد الذين خرجوا معه يومئذ 1400 صحابي كلهم كالرجل الواحد.
لابد من تعظيم شعائر الله ، وأخطأ من قال أن وقت الفتن هو وقت إخفاء الشعائر خشية الأذى ! بل هو وقت التمسك بكل شعائر الله رجاء رحمة الله والنجاة من الفتن.
الوفاء شيمة الصالحين المخلصين ، والمثل الأعلى إن أردت أن تضربه فوفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهله وأصحابه ولكل من حوله وما حوله حتى كان وفياً للدابة التر يركبها.
مشاهد قبل إبرام الصلح وحب الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإظهار قوتهم وحبهم له أمام المشركين ودروس من هذه المشاهد.
من أخطر الأشياء على المجتمع المسلم وتخدم أعداؤه : ترويج الشائعات ، إشاعة مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه والدعوة للبيعة.
مبرك ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم دون حد الحرم ، قالوا خلأت القصواء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل).
سعي قريش للصلح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما باءت كل محاولاتها ومبعوثيها بالفشل في إثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دخول مكة تارة بالتهديد وتارة بالشائعات.
بعث قريش لسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص وفداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوصلوا معسكر المسلمين وهم يبايعون رسول الله على الموت فقدر الله ذلك ليدب الرعب في قلوب المشركين من قوة وترابط عزم المسلمين.
اتهم رأيك ، واعلم أنك ان اتهمت رأيك واستسلمت لأمر الله ورسوله والمنهج فإنك ستمتحن بمثل (أبي جندل) وبمثل (باسمك اللهم) ، وقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : لم نكن نعد صلح الحديبية فتحا حتى نزلت الآية : ((إنا فتحنا لك فتحاً مبينا)).
قوله تعالى: (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً) ،اعلم أنه دائما اذا جاء الفتح دخل الناس في الدين أفواجاً وهذه من سنن الله تعالى ، فهؤلاء هم جماهير الناس هكذا دائما مع المنتصر أياً كان.
قال تعالى: (فسبح بحمد ربك) هنا مشاهد العبودية في التسبيح ، فالله تعالى سبح نفسه وهو غني عنا وعن تسبيحنا فقد ورد 87 موضع في القرآن فيه التسبيح لله تعالى، لذلك فالتسبيح له فضل عظيم.
اذا رأيت نفسك حرمت من طاعة فاعلم انك ستقع في معصية ! وتقصيرك لتطهير نفسك من ذنوبك بالاستغفار علامة خذلان وحرمان ، فالاستغفار هو الأمان الذي بقي في الأرض بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أين المستغفرون بالأسحار فإن كثرة الاستغفار مهمة تدل على الصالحين ، وقد كان خير خلق الله صلى الله عليه وسلم يعد الله فوق المائة مرة في المجلس الواحد رب اغفر وتب علي إنك انت التواب الغفور.
قوله تعالى : (إنه كان تواباً) : اسم الله التواب وكيف نتوب وجمال التوبة ورحمة التواب ثم شروط التوبة وأركانها.
التواب الرحيم الله جل جلاله ما أرحمه وأرأفه بعباده لا يرد من جاءه تائبا مقبلاً بل يقبله تفضلا ورحمة منه تعالى.